بسم الله الرحمن الرحيم والحمدلله رب العالمين والصلاة السلام على سيدنا ومولانا وحبيبنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا
اخبرنا الحق تبارك وتعالى أن اليهود لم يقتلوا رسوله عيسى بن مريم , وان ادعوا هذه الدعوى , وصدقها النصارى , والحقيقة ان عيسى عليه السلام لم يقتل ولكن الله القى شبهه على غيره , أمّا هو فقد رفعه الله الى السماء . قال الله تعالى (وما قتلوه وما صلبوه ولكن شُبِّه لهم وإن الذين اختلفوا فيه لفى شكٍّ منه ما لهم به من علم إلاَّ اتباع الظَّنِّ وما قتلوه يقينا , بل رفعه الله إليه وكان الله عزيزاً حكيما )
واشار الحق في كتابه الى ان عيسى سينزل في آخر الزمان , وان نزوله سيكون علامة دالة على قرب الساعة( وانه لعلمٌ للساعة ) كما اخبر ان اهل الكتاب في ذلك الزمان سيؤمنون به قال تعالى( وإنّ مِّنْ أهلِ الكتاب إلاَّ ليؤمننَّ به قبل موته )
وقد جاء تفصيل هذه النصوص في السنة النبوية . فعندما تشتد فتنة الدجال ويضيق الامر بالمؤمنين في ذلك الزمان ينزل الله عبده ورسوله عيسى عليه السلام , وينزل عند المنارة البيضاء شرقي دمشق .فقد روي الطبراني في معجمه الكبير عن اوس بن اوس قال , قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ينزل عيسى بن مريم عند المنارة البيضاء شرقي دمشق . وفي حديث اخر عن ابي هريرة رضي الله عنه قال , قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ليس بيني وبين عيسى نبي , وإنه نازل ,فإذا رأيتموه فاعرفوه , رجل مربوع , الى الحمرة والبياض , ينزل بين ممصرتين , كأن رأسه يقطر , وإن لم يصبه بلل .
ويكون نزوله في وفت اصطف فيه المقاتلون المسلون لصلاة الفجر , وتقدم إمامهم للصلاة فيرجع ذلك الامام طالبا من عيسى عليه السلام أن يتقدم فيؤمهم , فيأبى, ففي الحديث (فبينما إمامهم قد تقدم يصلي بهم الصبح إذ نزل عيسى بن مريم الصبح ,فرجع ذلك الامام ينكص , يمشي القهقري ليتقدم عيسى , فيضع يده بين كتفيه ثم يقول له " تقدم فصلِّ فإنها لك أقيمت فيصل بهم إمامهم )ويكون هذا في حال إعداد المسلمين لحرب الدجال . وفي حديث مسلم عن جابر بن عبدالله رضي الله عنه , انه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين الى يوم القيامة , قال , فينزل عيسى بن مريم , فيقول أميرهم , تعال صلّ لنا , فيقول " لا إن بعضكم على بعض أمراء , تكرمة الله هذه الأمة . والسبب في عدم تقدم عيسى بن مريم للإمامة هو الدلالة على أنه جاء تابعا لهذا النبي صلى الله عليه وسلم حاكما بالقرآن لا بالإنجيل , فإن شريعة القرآن ناسخة للشرائع قبلها ,وقد اخذ الله العهد والميثاق على جميع الأنبياء أم يؤمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم ويتابعوه إذا بعث وهم احياء قال تعالى ( وإذا أخذ الله ميثاق النبيين لما ءاتيتكم من كتابٍ وحكمةٍ ثم جاءكم رسولٌ مصدِّقٌ لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قال ءأقررتم وأخذتم على ذلكم إصرى قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين , فمن تولى بعد ذلك فأءلئك هم الفاسقون )فعيسى عليه السلام ينزل تابعا لرسولنا صلى الله عليه وسلم محكما لشريعة القرآن ولذلك فإنه يصلي خلف ذلك الرجل الصالح, وهذا فخر لهذه الأمة واي فخر .
وأول عمل يقوم به عيسى عليه السلام هو مواجهة الدجال , فبعد نزول عيسى يتوجه الى بيت المقدس حيث يكون الدجال محاصراً عصابة المسلمين ’ فيأمرهم عيسى عليه السلام بفتح الباب .ففي سنن ابن ماجة عن ابي امامة قال " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " فإذا انصرف قال عيسى " افتحوا الباب فيفتحون ووراءه الدجال , معه سبعون ألف يهودي , كلهم ذو سيف محلى وساج , فإذا نظر اليه الدجال ذاب كما يذوب الملح في الماء وينطلق هارباً , فيدركه عن باب لد الشرقي فيقتله فيهزم الله اليهود . والسر في ذوبان الدجال ان الله اعطى لِنَفَسِ عيسى عليه السلام رائحة خاصة إذا وجدها الكافر مات منها . ففي صحيح مسلم عن النواس بن سمعان عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث طويل ومما قاله فيه " فبينما هو كذلك إذ بعث الله المسيح بن مريم فينزل عند المنارة البيضاء شرقي دمشق بين مهرودتين (اي ثوبان مصبوغان بورس ثم زعفران ) واضعاً كفيه على أجنحة ملكين , إذا طأطأ رأسه قطر وإذا رفعه تحدر منه جمان ( يتحدر منه الماء على هيئة اللؤلؤ ) كاللؤلؤ فلا يحل لكافر يجد ريح نَفَسه إلا مات ونفسه ينتهي حيث ينتهي طرفه , فيطلبه حتى يدركه بباب لدّ فيقتله ثم يأتي عيسى بن مريم قوم قد عصمهم الله منه , فيمسح عن وجوههم ويحدثهم بدرجاتهم في الجنة ) والسر في عدم ترك عيسى الدجال حتى يموت بنفسه هو انهاء أسطورة هذا المخلوق وفتنته , فإن الناس إذا شاهدوا قتله وموته استيقنوا أنه عبد ضعيف مغلوب على أمره وأن دعواه كانت زوراً وكذباً
فبعد قضائه على الدجال وفتنته والانتهاء من يأجوج ومأجوج ,عند ذلك يتفرغ عيسى عليه السلام للمهمة الكبرى التي انزل من أجلها وهي تحكيم شريعة الإسلام والقضاء على المبادئ الضالة والأديان المحرفة ,ففي صحيحي البخاري ومسلم عن ابي هريرة رضي الله عنه قال " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " والذي نفسي بيده , ليوشكن أن ينزل فيكم لبن مريم حكما عدلا , فيكسر الصليب ويقتل الخنزير ويضع الحرب ويفيض المال حتى لا يقبله أحد , حتى تكون السجدة الواحدة خيراً من الدنيا وما فيها )وفي حديث اخر ( والله لينزلن ابن مريم حكما عدلا فليكسر الصليب وليقتلن الخنزير وليضعن الجزية ولتتركن القلاص فلا يسعى عليها ولتذهبن الشحناء والتباغض والتحاسد وليدعون الى المال فلا يقبله احد )
ومدة بقاء عيسى عليه السلام في الارض أربعون عاما , كما ثبت ذلك في حديث صحيح في سنن ابي داود عن ابي هريرة ( فيمكث في الارض اربعين سنة ثم يتوفى ويصلي عليه المسلمون) كما ثبت انه يحج ويعتمر قبل وفاته عليه السلام اما مكان دفنه فقد اجمعت الاحاديث انه يدفن قرب الرسول عليه الصلاة والسلام
وفضل الذين يصحبون عيسى عليه السلام , في مسند احمد وسنن النسائي عن ثوبان عن النبي صلى الله عليه وسلم قال" عصابتان من أمتي أحرزهما الله من النار , عصابة تغزو الهند , وعصابة تكون مع عيسى بن مريم عليه وعلى رسولنا افضل الصلاة والسلام